الخميس، 5 مارس 2009

أبو هريرة : الإمام الغامض ! بقلم ابراهيم عيسى

من منا لا يعرف أبا هريرة ؟
لعله الراوية الأشهر في تاريخ الإسلام للأحاديث النبوية الشريفة ، وبرغم حالة التمجيد التي ربما تصل إلى التقديس لسيرة الرجل في زماننا هذا إلا أن أبا هريرة هو أول من تم إتهامه في التاريخ بالكذب على النبي ، بل لم يشهد رواية حديث نبوي خلافاً وتطاحنا حوله وحول سيرته بقدر ما شهد ورأى أبو هريرة ، والحقيقة أن المتأمل لسيرته وما كتب عنه وروي منه ومن غيره سوف يلمس دوائر الخطورة التي تحيط الرجل وحياته وخاصة أنه ارتبط بالسيرة النبوية إلى حد وثيق وهائل ، فضلاً عن أن التاريخ الديني الذي نتعلمه يخلو من بعض أو جزء من الحقيقة أو يكاد ويحرص فيه أصحاب مناهج الدين وبرامجه الرسمية على تقديم تاريخ مقدس يخلو من أي خلاف أو اختلاف أو صراع أفكار أو تضارب رؤى ، وهو في ظني ما يجعل النفوس أقرب إلى التطرف الذي لا تسمح معه العقول بأي مناقشة ولا تبدي أي استعداد للخلاف والجدل وعندها اعتقاد راسخ وجامد ومتجمد بأنها على الحق وأن كل ما تسمعه أو تصادفه يخالف رأيها محض باطل . الصحابي أبو هريرة كان واحد من الأسماء المختلف عليها في التاريخ الإسلامي وبينما رفعة البعض إلى أعلي عليين فقد هبط به الآخرون إلى قاع الأرض ، لكنه من الواجب أن نقر بأن هذا الخلاف حول شخصيته حمل ظلالاً من الخلاف الكبير السياسي والشخصي الذي نشب بين أجنحة الأمة الإسلامية بعد مقتل الصحابي الجليل والخليفة الراشد عثمان بن عفان ، لكن المؤكد أيضاً أن الرفض الفكري والتجريح التاريخي الحاد لأبي هريرة لم يـأت من الشيعة فحسب أو أنصار إمام المتقين علي بن أبي طالب كرم الله وجهة فقط بل جاء من أنصار السنة محمدية صارمي الإيمان بالحديث النبوي الشريف ولم يكن الهجوم علي أبي هريرة فعل مستشرقين أو كارهين الإسلام بل جاء ممن لا خلاف علي إسلامهم وإيمانهم ! لكن ما الذي فعله أبو هريرة ليستأهل كل هذا الخلاف وتلك المعارك الفكرية حوله ؟ الحقيقة أن أبا هريرة لم يفعل سوى أن روى الحديث عن النبي صلي الله عليـة وسلم .. وهنا جوهر الأمر وفداحة التهم ! لعل المأخذ الذي فتح علي أبي هريرة حمم التاريخ أنه مصاحباً للنبي عاماً وبضعة شهور " البعض يقول أكثر من عامين " . ومع ذلك روى عن النبي 5374 حديثاً ، لم تصح كلها عند البخاري بل ذكر منها فقط 446 حديثاً . المدهش لرجل صاحب النبي عامين فقط أن يروي عنه كل تلك الأحاديث بينما الصحابة الأجلاء الذين صاحبوه من البعثة حتى الوفاة لم يرووا عنه ما يساوي عـُشر ما رواه أبو هريره وحده! أبو بكر أول الرجال إسلاما من بعد علي وكان نسابة العرب روى عن النبي 143 حديثاً وله في البخاري 22 حديثاً فقط ، الفاروق عمر وهو من هو في منزلته ومكانته لو يرو عن النبي على أقصى تقدير 50 حديثاً . أما على بن أبي طالب أول من أسلم وتربى في حجر النبي وعاش في كتفه من بعثته حتى غسل جسده الشريف عند وفاته ولم يفارقه لا في سفر ولا في حضر وهو ابن عمه وزوج ابنته وشهد جميع الغزوات والمعارك والمشاهد " سوى تبوك" ، وهو إمام العلم لم يحدث ان روى عن النبي سوى 58 حديثاً ولم يصح في البخاري سوى عشرين منها. كما أن الخليفة الراشد عثمان بن عفان روى عن النبي تسعة أحاديث فقط ونفس العدد للزبير وعبد الرحمن بن عوف وروى خمسة أحاديث فقط وربما أقل طلحة وزيد بن ثابت وسلمان الفارسي وغيره . فما الذي يجعل أبي هريرة وهو الأقل مصاحبة في سيرة النبي والأقل منزلة في العلم فضلاً عن كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب ومكث كذلك عامين أو أقل في صحبة رسول الله كما لا يذكر له أحد موقفاً في غزوة أو مكانة في معركة أو دوراً في موقعة سياسية وتاريخية . ما الذي يجعل الراوية الأول والعمود الفقري في رواية الأحاديث النبوية .. لابد أن في الأمر أمراً؟ لكن من هو أبو هريرة أولاً ، وكيف أسلم ومتى ؟ الغموض يتكدس في حياة أبي هريرة منذ البداية ، فمن المحسوم أنه لم يلحق بالنبي إلا قبيل وفاته . أما متى أسلم فبعض المتحمسين لأبي هريرة يرون أنه أسلم قبل مجيئه من اليمن الى المدينة بسنوات لكن هذا الامر يحيطه الشك .. فإذا عرفنا أن أبا هريرة كان فقيراً معدماً بلا شغلة أو مشغلة في اليمن فما الذي منعه من شد الرحال الى المدينة فلا مال أو تجارة أو عشيرة يبكي عليها في بلده حتى يتأخر عن نداء الإسلام ويلحق نبيه . عموماً فأبو هريرة كما تؤكد وتجمع كل المراجع والروايات حمل هذا الاسم من الفترة التي سبقت إسلامه حيث قال هو نفسه كنت أرعى غنم اهلي وكان لي " هرة" صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة وإذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها فكنوني " اطلقوا عليَ اسمي " " ابا هريرة" . والمعلوم كذلك أن أحداً لم يعرف شيئاً عن نشأته ولا عن تاريخه قبل إسلامه غير ما ذكر هو عن نفسه حيث قال : " نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت أجيراً بطعام بطني أي أنه كان فقيراً معدماً يخدم الناس بطعام بطنه " يشتغل بأكله كما نقول الآن " وقد وصل أبو هريرة إلى المدينة بعد أن تخطى الثلاثين من عمره وكما قيل فقد اتخذ سبيله الى جانب الرسول في ما عرف بأهل الصفة والصفة اسم موضع مظلل في الجزء الخلفي من مسجد النبي بالمدينة وأهل الصفة أناس فقراء لا منازل لهم ولا عشائر كانوا ينامون على عهد رسول الله في المسجد ويظلون فيه ليل نهار وكانت صفة المسجد مثواهم فنسبوا إليها وكان إذا تعشى رسول الله يدعو منهم طائفة يتعشون معه ويفرق منهم طائفة على عدد من الصحابة ليعشوهم وكان أبوهريرة صريحاً وصادقاً في الكشف عن سبب صحبته للنبي فقد قال إني كنت امرؤ مسكيناً أصحب رسول الله على ملء بطني وفي رواية أخدم رسول الله لشبع بطني وسجل التاريخ أنه كان أكولاً نهماً وقد أطلق عليه أيضاً لقب شيخ المضيرة والمضيرة صنف من أصناف الحلوى كان أبو هريرة شغوفاً بها ، وأجمع المؤرخون أنه كان مزاحاً مهزاراً لكن الواقعة الأكثر ثبوتاً في التاريخ أن الفاروق عمر بن الخطاب قد ضرب أبا هريرة بالدرة " ما يشبه العصا او الكرباج او ما شابه " وطرده من المسجد وهدده بالنفي من المدينة المنورة وقال له أمام شهود المسجد : " أكثرت يا أبا هريرة من الرواية ولتتركن الحديث عن رسول الله او لألحقنك بأرض دوس" موطنه في اليمن " والثابت أن أبا هريرة نفسه قال إني أحدثكم بأحاديث لو حدثت بها زمن عمر لضربني ولشج رأسي ، وقال أبو هريرة كذلك " ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله حتى قبض عمر " يقصد إلا بعد موت عمر " وكان أبو هريرة يبرر كثرة روايته عن النبي بأنه ما دام لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً فإنه لا بأس من أن يروي بل أنه نسب حديثاً للنبي أنه قال: من حدث حديثاً هو لله عز وجل رضا فأنا قلته وأن لم أكن قلته رغم إن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من نقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار " وقد دفع ذلك البعض إلى التهكم أو الاستنكار لكثرة أحاديثه عن النبي حتى إن رجلاً من قريش أتى أبا هريرة في حلة " جلباب او عباءة" وهو يتبختر بها قائلاً يا ابا هريرة إنك تكثر الحديث عن رسول الله فهل سمعته يقول في حلتي " عباءتي " هذه شيئا !! والعجيب أن أبا هريرة أجاب فعلاً بحديث ، وقد اتهم عمر وعثمان وعلي أبا هريرة في أحاديثه وقد كانوا يقولون كيف سمعت هذا وحدك ومن سمعه معك؟ كيف اجاب ابو هريرة وما علاقته باليهود هذا يستحق الانتظار للاسبوع القادم باذن الله
نشر في جريدة الميدان 20/11/2001

الرد على كتاب "من الشعراوى الى سلمان رشدى" لابراهيم عيسى

كتب ابراهيم عيسى كتاب بعنوان (افكار مهددة بالقتل من الشعراوى الى سلمان رشدى) كتب في مقدمته عن الشيخ الشعراوى ما نصه

ص 11" انى لم ارى شيخا يمثل مجموعة من الافكار الرجعية المناهضة للعلم و التقدم الا الشعراوى و لم اصادف حتى الان على الاقل رجلا يستخدم المنحة الربانية التى انعم بها عليه فيما يخدم التخلف بمثل ما رايت الشعراوى"ه

ص12" و اذا كانت افكاره ضد المراة والتسامح و الديمقراطية و المسيحية لهانت و لكن ان يتحول الرجل الى سيف مسلط على رقابنا اذا اختلفنا او عارضنا و ان يصير بابا فاتيكان على الطريقة الاسلامية و ان يصبح جسرا تعبر عليه الفتاوى الرسمية و السلطانية و المتطرفة على السواء و ان تتجسد افكاره وسلوكياته نموذجا للاسلام البدوى و الفقه النفطى (يقصد الفقة السلفى, مع ان الشعراوى كما هو معروف عنه صوفى المذهب) ....يتركز على خصلة رئيسية و ركيزة اساسية فى حياة الشعراوى و هى تملقه و نفاقة لاصحاب السلطة و المال و الجاه و ولاؤه القريب لكل رئيس بالفتاوى والمقاصد"ه

استشهد الكاتب بان الشيخ رحمه الله تعالى و غفر الله له قد كتب قصائد يمدح بها الملك فاروق و كذلك جمال عبدالناصر و الملك فهد و انه قال لمعارضى السادات "لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون" مع العلم ان الشيخ بعدها قدم استقالته كوزير للاوقاف و ذلك لاحساسه بانه فتن من هذا المنصب, و ان كان فيجب ان ينقض العلماء بطريقة مهذبة ومحترمة لا بسبه و سب فكره و ايضا التكلم معه اولا و الا يعرض الامر على العامة اولا ثم الا يشفع للشيخ رحمه الله العلم الغزير والبحر الزاخر من علم التفسير و اللغة الذى تركه لنا لكى ننهل منه, و حسبنا الله و نعم الوكيل

و لم يلسم من قدحه و تجريحة الشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمه الله شيخ الازهر

و لم يسلم ايضا الشيخ محمد الغزالى رحمه الله حيث انه قال ما نصه

ص16 " الشيخ الغزالى دمث و هادئ و مفكر و مستنير (شوف الادب) لكن له افكار سوداء و اراء مظلمة و فتاوى قاتلة نحن اذن نحب دماثته و نؤيد استنارته (رجع مؤدب تانى) و لكننا نختلف و نعارض و نهاجم سوداوية و ظلامية فتاويه الاخرى"ه

مع العلم ان الشيخ الغزالى رحمه الله من ارق و الين و ايسر العلماء فى فتاويه ولكن كل ما يريد ان يبثه لنا ابراهيم عيسى - على ما اعتقد - ان تاخذ ما يناسب هواك من كل عالم من العلماء او شيخ من الشيوخ و تفصل دين يتناسب مع هواك

وقد وصف الشيخ العلامه بن باز رحمه الله بانه زعيم الفقه البدوى و ذلك فى ص 69

و لم يسلم شيوخ و علماء اخرين منهم الشيخ عبدالحميد كشك, الدكتور عمر عبدالكافى, و سيد قطب

و قد قال متعجبا جملة غريبة لا افهم المقصد منها
ص 36 " لقد صارت فعلا جماعة ضخمة من المسلمين المصريين على قناعة ان المسيحيين كفرة!!!"ه

لن اقول غير

قال الله تعالى( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) المائدة73

قال الله تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) المائدة72

قال الله تعالى ( وقالوا اتخذ الرحمن ولداً - لقد جئتم شيئاً إداً - تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً - أن دعوا للرحمن ولداً - وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداًً - إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم88- 93

و اعتقد انه لا يوجد فرقة من النصارى لا تطبق عليها احد هذه الايات الثلاث و لا حول و لا قو الا بالله

و لكن من الواضح ان ابراهيم عيسى بالنقض لمجرد النقض و هذا حكم شخصى استنبطه من كتاباته السياسية والدينية و لقوله بنفس الكتاب ما نصه

ص 22 " انا كاتب معارض للارهابيين والسلطة معا"ه

السلطة هل هى بمعنى اى سلطة ام هى سلطة الرئيس مبارك, اما كلمة الارهابيين كلمة مطاطية فمن الغريب انه يرعى جماعة الاخوان المسلمين فى جريدتة و هى على مذهب اهل السنة و الجماعة اى الفقة البدوى كما يصفه

و كفاية كده

و هذا هو لينك الكتاب http://www.4shared.com/file/52085890/56facc3a/_________.html?dirPwdVerified=c567dd4b

الرد على ابراهيم عيسى لسبه الصحابى الجليل شعبة بن المغيرة رضى الله عنه

كتب ابراهيم عيسى فى جريدة الدستور فى عدد الاربعاء بتاريخ 11\10\2006

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد عزل المغيرة بن شعبة ولاية الكوفة لأن قوماً شهدوا عليه أنهم وجدوه على ريبة مع امرأة .أي أنهم شاهدوه يضاجع امرأة غير امرأته وهي مسألة عجيبة أن يضاجع والي الكوفة شخصياً امرأة على مرآي ومسمع من أربعة رجال كأن في هذا حماقة تشبه الهوس أو إهمالاًَ يقارب الهطل لكن الغريب أن الواقعة حدثت لم ينكرها المغيرة لكنه فقط قال أنها زوجته لكن أربعة شهود أقروا أنهم شاهدوه يواقع امرأة غير امرأته أي يلزم تطبيق حد الزنى عليه لكن المغيرة بن شعبة أصر أنه قد التبس الأمر على الناظرين لشبه بين السيدتين أي شبه؟ أين كانوا ليتحققوا من ملامح المرأة ثم ما أوجه الشبه في لحظة مثل هذه بين سيدتين؟وصمم المغيرة أنه كان مع زوجته وهي واقعة من أغرب وقائع التاريخ الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب وتروي بعض كتب التاريخ أن سيدنا عمر قد حاصر الشهود حتى أربكهم فلم تثبت التهمة حيث تراجع شاهد وهو محمد بن أبي بكرة عن الشهادة ( وهو بالمناسبة راوي الحديث المنسوب عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول أنه لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وقال الشاهد أنه يشك فيما رآه فجلده عمر جلد الشاهد وأعفى المغيرة بن شعبة من التهمة لأنها لمتثبت عليه ثبوتاُ يوجب إقامة الحد

و هذا النص الصحيح من تاريخ شيخ المؤرخين الطبري 12/493-494

كان الذي حدث بين أبي بكرة والمغيرة بن شعبة أن المغيرة كان يناغيه وكان أبو بكرة ينافره عند كل ما يكون منه وكانا بالبصرة وكانا متجاورين بينهما طريق وكانا في مشربتين متقابلتين لهما في داريهما في كل واحدة منهما كوة مقابلة الأخرى ( يعني أن أبا بكرة والمغيرة جاران بيت كل منهما مقابل الآخر ولكل بيت شرفة و الشرفتان متواجهتان ) فاجتمع إلى أبي بكرة نفر يتحدثون في مشربته فهبت ريح ففتحت باب الكوة (الشرفة ) فقام أبو بكرة ليصفقه (ليغلقه ) فبصر بالمغيرة وقد فتحت الريح باب كوة مشربته وهو بين رجلي امرأة فقال للنفر قوموا فانظروا فقاموا فنظروا ثم قال اشهدوا قالوا من هذه قال أم جميل ابنة الأفقم وكانت أم جميل إحدى بني عامر بن صعصعة وكانت غاشية للمغيرة وتغشى الأمراء والأشراف ( يعني كان معروفا عنها دخولها على الأمراء لقضاء حوائجها وطلباتها ) وكان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها فقالوا إنما رأينا أعجازا ولا ندري ما الوجه ( يعنى لا نستطيع أن نرى وجه المرأة لنتأكد إن كانت هى أم جميل أم لا ) ثم إنهم صمموا حين قامت فلما خرج المغيرة إلى الصلاة حال أبو بكرة بينه وبين الصلاة وقال لا تصل بنا فكتبوا إلى عمر بذلك وتكاتبوا فبعث عمر إلى أبي موسى فقال يا أبا موسى إني مستعملك إني أبعثك إلى أرض قد باض بها الشيطان وفرخ فالزم ما تعرف ولا تستبدل فيستبدل الله بك فقال يا أمير المؤمنين أعني ( ساعدني ) بعدة من أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار فإني وجدتهم في هذه الأمة وهذه الأعمال كالملح لا يصلح الطعام إلا به فاستعن بمن أحببت فاستعان بتسعة وعشرين رجلا منهم أنس بن مالك وعمران بن حصين وهشام بن عامر ثم خرج أبو موسى فيهم حتى أناخ بالمربد وبلغ المغيرة أن أبا موسى قد أناخ بالمربد فقال والله ما جاء أبو موسى زائرا ولا تاجرا ولكنه جاء أميرا فإنهم لفي ذلك إذ جاء أبو موسى حتى دخل عليهم فدفع إليه أبو موسى كتابا من عمر وإنه لأوجز كتاب كتب به أحد من الناس أربع كلم عزل فيها وعاتب واستحث وأمر أما بعد فإنه بلغني نبأ عظيم فبعثت أبا موسى أميرا فسلم إليه ما في يدك والعجل وكتب إلى أهل البصرة أما بعد فإني قد بعثت أبا موسى أميرا عليكم ليأخذ لضعيفكم من قويكم وليقاتل بكم عدوكم وليدفع عن ذمتكم وليحصي لكم فيئكم ثم ليقسمه بينكم ولينقي لك طرقكم وأهدى له المغيرة وليدة من مولدات الطائف تدعى عقيلة وقال إني قد رضيتها لك وكانت فارهة وارتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد وشبل بن معبد البجلي حتى قدموا على عمر فجمع بينهم وبين المغيرة فقال المغيرة سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني مستقبلهم أو مستدبرهم وكيف رأوا المرأة أو عرفوها فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إلي في منزلي على امرأتي والله ما أتيت إلا امرأتي وكانت شبهها فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة قال كيف رأيتهما قال مستدبرهما قال فكيف استثبت رأسها قال تحاملت ثم دعا بشبل بن معبد فشهد بمثل ذلك فقال استدبرتهما أو استقبلتهما قال استقبلتهما وشهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم قال رأيته جالسا بين رجلي امرأة فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان واستين مكشوفتين وسمعت خفزانا شديدا قال هل رأيت كالميل في المكحلة قال لا قال فهل تعرف المرأة قال لا ولكن أشبهها قال فتنح وأمر بالثلاثة فجلدوا الحد وقرأ فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون فقال المغيرة اشفني من الأعبد فقال اسكت اسكت الله نأمتك أما والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك..... اهـ.

هذا نص القصة "الحقيقية" والتي ندرك من خلالها ما يلي:

• حدثت القصة في البصرة وليس في الكوفة كما أدعى إبراهيم عيسى.
• كان المغيرة في بيته وقت القصة وليس على مشهد ومسمع من الناس كما صور إبراهيم عيسى.
• فتحت الريح العاصفة بشكل مفاجئ شرفة بيت أبي بكرة وكذلك شرفة بيت المغيرة – والبيوت بسيطة في ذلك الزمان – فوقع بصر أبي بكرة على المغيرة وهو على امرأة ظن أنها ليست زوجته وأنها امرأة أخرى اسمها أم جميل. فمن باب الأمانة دعا أصدقاء كانوا يزورونه لينظروا ويثبتوا حالة الزنا التى اعتقدها.
• أنكر عليه أصحابه اتهام المغيرة لأنهم لا يستطيعون رؤية المرأة وقد تكون طبعا زوجته.
• لما خرجوا إلى الصلاة تعرض أبو بكرة للمغيرة ومنعه من إمامتهم وأخبره بما رأوه وأنهم سيرفعون أمره إلى أمير المؤمنين عمر.
• لما بلغت الشكوى عمر رضي الله عنه اتخذ قرارا حاسما وسريعا بعزل المغيرة وتولية أبي موسى الأشعري مكانه حتى يتم التحقيق في الشكوى.
• التحقيق الذي تم كان بسيطا ومباشرا بسؤال كل من الشهود الأربعة عما رآه. فشهد ثلاثة شهادة متقاربة وقال الرابع أنه لم ير وجه المرأة. فسقطت الدعوى وأقيم الحد على الثلاثة كما نص القرآن. إقرأ الحوار الذي دار بين الشهود الأربعة وعمر فلا تر فيه إرباكاك ولا ضغطا مما لمز به إبراهيم عيسى الفاروق عمر.
• الذي لم يشهد كان زياد بن أبيه ولم يكن محمد ابن أبي بكرة كما زعم إبراهيم عيسى، وهو خطأ يبدو متعمدا وإلا كيف يغفل أن أبا بكرة هو صاحب الدعوى وهو الذى حمس أصحابه عليها. ولعل إبراهيم عيسى أراد أن يقحم اسم أبي بكرة هنا وأنه تراجع عن شهادته ليبرهن على عدم عدالته وهو صاحب الحديث المعروف ( خاب قوم ولوا أمرهم امرأة ) وهو في البخاري ليتابع سلسلة تجنيه على أصح كتاب بعد كتاب الله. ولعله أيضا استهل بهذه القصة الملتوية للطعن أيضا في البخاري وصحيحه حيث للمغيرة بن شعبة رضي الله عنه في الصحيحين اثنا عشر حديثا وانفرد له البخاري بحديث ومسلم بحديثين.


• وموقف أبي بكرة وأصحابه كان عن اعتقادهم بما ظنوا أنهم رأوه. وأبو بكرة هذا هو مولى النبي صلى الله عليه وسلم اسمه نفيع بن الحارث تدلى في حصار الطائف ببكرة – فسمي بعد ذلك بهذا الاسم - وفر الى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم على يده وأعلمه أنه عبد فأعتقه .

• رأى إبراهيم عيسى بخياله المريض أن عمر ولى بعد ذلك المغيرة الكوفة برغم فعلته إيثارا لدهائه السياسي ، وكأن إبراهيم عيسى يصر على اتهام المغيرة بالزنا، وبتغاضى عمر عن ذلك. والمعروف أن الكوفة كانت من البلاد المرهقة للخلفاء وكان أهلها لا يعجبهم العجب وكثيري الشكوى من أمرائهم ورأى أن يوجه إليهم المغيرة لكفاءته. والمعروف أيضا شدة عمر مع عماله وكيف كان يعزلهم لأدنى شبهة وهذا مستفيض ويعرفه القاصي والداني.